قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إنه قد أجمعت الأمة على وجوب ستر العورة للرجل والمرأة.
وأوضح «جمعة» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن ستر العورة في حق المرأة هو الحجاب الذي يستر بدنها، فقد اتفقت الأمة الإسلامية على حرمة أن تظهر المرأة شيئا من جسدها عدا الوجه والكفين، وصار ذلك من المعلوم من الدين بالضرورة، فكما يعلمون أن الظهر أربع ركعات، يعلمون أن المرأة التي لا تستر عورتها آثمة شرعا.
وأضاف أن الإجماع بهذه الصفة السابقة ينفى ظنية ثبوت الدليل، ويصبح الدليل بعده قطعيا، لا يجوز النظر فيه نظرا يخالف ذلك الإجماع. ومثاله الإجماع على أن الوضوء سابق على الصلاة، مع إيهام النص فى قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ»، حيث أجمعت الأمة على أن الوضوء قبل الصلاة وأن المراد من الآية إذا أردتم القيام إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ... الخ.
وتابع: إذن فالحجاب لستر العورة، والعورة: ما يحرم كشفه من الجسم سواء من الرجل أو المرأة, أو هي ما يجب ستره وعدم إظهاره من الجسم, وحدها يختلف باختلاف الجنس وباختلاف العمر, كما يختلف من المرأة بالنسبة للمحرم وغير المحرم.
وأشار إلى أن العورة أمر شرعي حده الشارع لا سبيل للاجتهاد فيه بتغير الزمان والمكان، فإذا كان لا يجوز للرجل إظهار عورته في وقت ما، فلن يكون مباحا في وقت آخر، وكذلك إذا كان يحرم على المرأة كشف شيء من عورتها في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلا يتغير هذا الحكم إلى الجواز لتغير الزمان.
وأكد أن ستر العورة ليس من مسائل الفقه التي تتغير بتغير الزمان، وهناك الكثير ممن يتكلمون فيما لا يعلمون يظنون أن تغير بعض الأحكام المرتبطة بالعرف، أو تغير بعض وسائل الحياة المرتبطة بالزمن، يقتضي تغير جميع أحكام الدين لمجرد أن الزمان قد اختلف، وربما يأتي اليوم الذي يخرج علينا من يقول إن الأمر أيام النبي -صلى الله عليه وسلم- بعبادة الله وحده، والزمن قد اختلف فينبغي علينا أن نشرك بالله مسايرة للعصر.
وأفاد أن هذا لأنهم اعتبروا الدين مجال يتكلمون فيه بجهلهم، ولم يفطنوا أن الدين علم، والتدين العملي هو سلوك، وهناك فرق بين علم الدين وبين التدين العملي، وأن علم الدين هو علم كسائر العلوم، له مبادئ وقواعد ومصطلحات ومناهج وكتب وترتيب ومدارس وأسس وتاريخ و .... إلخ
واستطرد: إننا نرى ما يؤكد أنه ليس هناك اعتراف بالفرق بين علم الدين والتدين، من ذلك أن أستاذ العلوم أو الزراعة أو الصحافة أو الهندسة أو الطب صار يتكلم في شأن الفقه، ويناقش الفتوى التي صدرت ممن تخصص وأمضى حياته في المصادر وإدراك الواقع، وما هذا إلا لأنه مثقف ديني، أو لأنه لا يعرف، أو لم يقتنع بالفرق بين علم الدين وبين التدين، ويرى أن الأمر مباح ومتاح للجميع.
تعليقات
إرسال تعليق