16 ساعة أو أكثر يقضيها بعيدًا عن أسرته، خلالها يكد في عمله لجني ما يكفي حاجة زوجته وأولاده، وهو ما يحققه الشاب أيمن عشماوي، فيما رسم له المحيطون صورة ذهنية لم يتوقع أن يحصل عليها، فينادونه بالدكتور والباشمهندس، رغم أنه في الواقع خريج خدمة اجتماعية.
تأثر «أيمن» ببيئته المحيطة منذ صغره، فهو ابن محافظة دمياط التي يقدر أهلها قيمة العمل وتعلم «صنعة» يكسبون من ورائها رزقهم، خاصةً النجارة، ليشاركه شقيقه في بيع الهواتف المحموله بمتجرهما الخاص بجانب دراسته.
هدف «أيمن»، حسب روايته لـ«المصري لايت»، إلى الالتحاق بكلية الهندسة، إلى أنه انساق لما فرضه عليه مكتب التنسيق كحال الغالبية، حتى وجد نفسه في كلية الخدمة الاجتماعية، وقتها استمتع بما يتعلمه، من واقع دراسته لعلمي النفس والاجتماع، إلى أن تخرج في عام 2006.
وما بين تزايد الاحتياجات المادية وضرورة كسب الرزق، قرر «أيمن» عدم العمل في مجال دراسته، مبررًا: «الأمر يتطلب إضافات بعينها، وحتى أتطور للعمل كاستشاري علاقات نفسية أو أسرية لابد من الحصول على حصص تدريبية زائدة ودبلومات».
كما يرى «أيمن» أنه كرجل لا يناسبه العائد المادي الذي سيكسبه من مجال الخدمة الاجتماعية، لكتفي بتطوير نفسه في عمله بمتجره الخاص، فالتحق بإحدى الأكاديميات الفنية لتعلم إصلاح أعطال الهواتف المحمولة، ليحترف البيع والصيانة، ويصبح هذا مصدر دخله الأساسي.
في عام 2013 ارتفعت مصروفات «أيمن»، ومعها بحث عن وظيفة أخرى، فوجد ضالته إحدى شركات الأغذية عاملًا فيها كمندوب، ويقول عن تجربته فيها التي استمرت لعام ونصف العام: «استفدت منها كثيرًا، إلا أن صعوبة التدرج الوظيفي دفعني للرحيل».
بعدها التحق «أيمن» بعدد من الوظائف إلى أن حل عام 2015، التي شهدت حصوله على فرصة للعمل كمندوب أدوية بيطرية لإحدى الشركات، بهدف تغطية محافظتي دمياط والدقهلية، وهو ما حصل عليه لملائمته للشروط المتمثلة في إجادة الإنجليزية وامتلاك سيارة دون النظر إلى المؤهل، وتخصص في الدواجن.
ويعتبر نظام عمل «أيمن» من حيث التوقيت مرهقًا، فيبدأ يومه من الثامنة صباحًا لتوصيل أولاده إلى المدارس وزوجته إلى عملها، ومن ثم يتوجه إلى الشركة للعمل كمندوب، وما أن ينهي مهامه، التي بالإمكان أن تطول مدتها، يتوجه إلى متجره لإصلاح الهواتف المحمولة.
بهذا الشكل وجد «أيمن» نفسه حاصلًا على لقب «دكتور» من واقع ما يناديه به العاملون في الشركة صباحًا، وفي المساء يناديه الزبائن بـ«بشمهندس»، وهو ما يمتعض منه، مستدركًا: «للأسف محدش بيشتغل بشهادته، أنا فني في إصلاح المحمول، لكن لو فُرضت عليا لقب مهندس المهم أكون على قدر المسؤولية، لكني أنا مش معلق يافطة مكتوب عليها مهندس، ونفس القصة بالنسبة لعملي كمندوب، جوا المكتب بيسألوني إذا كنت خريج كلية طب بيطري وبعدها بينادوني بـ(أستاذ)، وفي المزارع العمال بيندهوني (دكتور)».
يعتقد «أيمن»، من واقع عمله في مهنتين لا يمتان بصلة لمجال دراسته، أن ظروف الحياة تدفع الشبان للسير مثله، خاصةً وأنهم مطالبون بالاعتماد على أنفسهم مع الاستغناء عن «العوامل إضافية التي يحتاجها العمل كالدبلومات والكورسات»، فيما يختم حديثه بالتحدث عن زوجته التي لا تراه إلا لساعات قليلة في اليوم الواحد: «كتر خيرها، متعاطفة معايا في القصة دي ومقدرة».
تعليقات
إرسال تعليق